ناقوس
الخطر يحدق بطفولة ميضار
مراد جدي
بالأمس سمعنا خبرا نزل
علينا كالصاعقة من خطباء المساجد عن حادث اختفاء طفل يدرس بالسنة الأولى ثانوي
إعدادي في سن الثالثة أو الرابعة عشرة من عمره حسب البعض، وما دام أن التلميذ
المعني ينتمي إلى المؤسسة التي أشتغل بها فقد أوليت الخبر عناية واهتماما بالغا.
وفي المساء تناهى إلى سمعي من طرف التلاميذ أن الأمر يتعلق بحادث اختطاف من طرف
أشخاص مجهولين يركبون سيارة، لكن الصدمة الكبرى التي أحسست بها كانت اليوم عندما
بدأت تروج الأخبار وسط الساكنة عن احتمال تعرض الطفل المذكور لحادث اغتصاب، وهو
الأمر الذي إن تأكد كان الكارثة العظمى التي ستحل ببلدتنا التي لم تعرف مثل أنواع
هذه الجرائم الخطيرة والبغضية، والتي نشاهدها فقط في التلفاز أو نسمع عنها في
الإذاعات ونقرأ عنها في الجرائد في مدن ومناطق أخرى من طرف وحوش لا إنسانية
تسكنهم، ومن ذلك سفاح تارودانت المشهور.
إن هذا الحادث الخطير – وإن
تأكد صحة الخبر – لأعظم مصيبة تبتلى بها منطقتنا ومديتنا الصغيرة الهادئة، التي لم
يتسلل إليها الرعب والخوف وانعدام الأمن، ومازال مجتمعها نقيا نسبيا ومحافظا
ومتمسكا بالأخلاق الحميدة والعادات الإيجابية، رغم ما فيه من موبقات وجرائم لكن لا
تصل في خطورتها إلى حد ما نشاهد ونسمع عن مناطق أخرى. إلا أن هذا الحادث ينهي هذا
الفصل الوادع ليفتح صفحة سوداء في سجل منطقتنا، ملطخا ببراءة الطفولة المغتصبة
والمنتهكة حقوقها، ويسدل عليها ستار الخوف والرعب من القادم في ظل وجود هذه الوحوش
الآدمية التي تتجول بكل حرية وترتكب أفعالها الخسيسة في وضح النهار دون رقيب أو
حسيب من دين أو خلق أو قانون. لكن وإن كانت هذه الحادثة هي الأعظم والأخطر من
ناحية أثرها النفسي والاجتماعي ليس على الضحية نفسه، بل على عموم الطفولة والأسر
التي تضع الآن أيديها على قلوبها خوفا وفزعا من تلك الكائنات المرعبة، فإن هذا لن
ينسينا أن مسلسل اغتصاب الطفولة وانتهاك حقوقها في ميضار – وفي المغرب عموما – هو
مسلسل متواصل، وما هذه إلا الحلقة المرعية فيه. وربما هذه الحادثة قد شجعتني على
أن أطلق صرختي هذه، وأسمع ندائي إلى من يهمه الأمر ألا تحركوا لإنقاذ طفولتنا قبل
فوات الأوان، فما قيمة مجتمع وما مستقبله إن كان عموده وأساسه ونباته الطري يقضى
عليه بهذا الشكل المفزع، ألا أوجه هذا النداء إلى الجميع كل في موقعه ليتحمل
مسؤوليته في تربية الأجيال الجديدة وحمايتها، وتنشئتها التربية الصالحة القويمة
الكفيلة باستمرار مجتمعنا وتقدمه ونهوضه من العراقيل التي تكبله على السير إلى
الأمام.
وكما قلت فإن مسلسل اغتصاب
الطفولة لم يبدأ اليوم مع هذه الحادثة الخطيرة، بل إنه يحدث يوميا ونراه ونسمع عنه
ونعايشه، لكن لا تتحرك ضمائرنا لإيقافه ولا للتنديد به، إن هذه الانتهاكات التي
تتعرض لها الطفولة ضاربة العمق في جذور مجتمعنا، تتخلل كل مجالاته، وتحصد ضحاياها
كل وقت وحين من فلذات أكبادنا. وفي هذا المقام أود أن أبين بعض من ملامح هذه
الانتهاكات المتخفية في زحمة معشينا اليومي وهمنا الخبري اللذين ينسياننا آلام
وعذابات الإنسان فوق هذه الأرض وفي هذا المجتمع الظالم الجحود، الذي لا يعطي لكل
ذي حق حقه، بل تتمتع فيه صفوة من الخلق بما تشتهي، بل جحافل المستضعفين تئن تحت
وطأة الألم والقهر والحرمان. وليتحمل كل ذي ضمير ومروءة مسؤوليته في وقف هذا
الاعتداء الشنيع على مستقبلنا وبقائنا الذي يتوقف كله على الطفولة، رمز البراءة
والنماء والخير، رمز الدوام والاستمرارية.
في ثنايا الواقع المرير
الذي يمر منه مجتمعنا، تسلط على الفئات الضعيفة والمستضعفة ألوان من القهر
والاستغلال والانتهاك، وتبقى الطفولة أحد تلك الفئات التي تعاني مرارة هذا الواقع
وتتجرعها، ولا تكاد تجد سبيلا للخروج منها لقلة حيلتها وضعف بنيانها النفسي
والبدني والاجتماعي، لكن من يتحمل المسؤولية عن كل ذلك هم في غفلة منها، منصرفون
إلى تدبير يومهم ولا هم لهم إلا ما يقتاتون. وفي هذه الورقة أسلط الضوء على نماذج
من تلك الانتهاكات والاعتداءات التي تتعرض لها الطفولة في مجتمعنا، ونرصدها يوميا
دون أن نرد لها أدنى بال، وأحاول تتبعها وكشفها لتتضح لكل ذي بصير حقيقة الواقع
المر الذي نعيشه، ونحن ضحاياه جميعا، وإن كان بعضنا ما زال يظن أنه في مأمن أو في
رخاء مزعوم، وأن شرارة تلك النيران المتقدة في مجتمعنا، نيران الحرمان والاستغلال
والقهر والظلم لن تصله يوما، ولن يكوى بلظاها، وهو في الحقيقة واهم إن ظن ذلك، فهو
القانون الذي يسري على الجميع، كما قال تعالى: "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين
ظلموا منكم خاصة"، فالمجتمع كالجسد الواحد إذا مرض منه عضو تداعى له سائر
الجسد بالسهر والحمى.
إن صنوف الاستغلال
والانتهاك التي تتعرض لها الطفولة عديدة، وعلى مختلف المستويات والأصعدة وفي شتى
المجالات والحقول الاجتماعية، وفي هذا الصدد نقف عند بعضها لتتضح لنا جلية مكشوفة،
لا تخدعنا عنها المظاهر الزائفة والكلمات المنمقة، وتزوير الواقع، ومنها:
ü
الانتهاكات الجنسية: إذا كان الاغتصاب هو قمة الانتهاكات
الجنسية التي تتعرض لها الطفولة، فإن هناك مقدمات لهذا الفعل الإجرامي وقلما ينتبه
لها المعنيون بالأمر، وتتجلى فيما يصلح عليه بالتحرش الجنسي. وهو ظاهرة للأسف آخذة
في التفاقم في ظل ازدياد الإثارة الجنسية في المجتمع، والتي ترعاها وسائل الإعلام
خاصة الأنترنيت وموضات اللباس. وما تلك الأفواج من المتسكعين على أبواب الثانويات
والإعداديات والمدارس، واللاهثة في الشوارع وراء اللحم البشري المغري، إلا نموذجا
صارخا لهذه الظاهرة الخطيرة. وتتعدد أشكالها ما بين تحرش بالقول أو العين، وصولا
إلى محاولات الفعل الحسي، ومن هنا تكون البداية نحو جرائم الاغتصاب ومختلف أشكال
الانتهاكات الجنسية، وأحيانا تكون برضى الطرف الآخر المتحرش به خاصة من طرف
الفتيات القاصرات. وفي اعتقادي أن استفحال هذه الظاهرة يعود جزء منه إلى ثقافة
المجتمع، والتي تجعل من الجنس طابو مسكوت عنه ولا يتم تحسيس الطفولة بمخاطر الفعل
الجنسي خارج الأطر الشرعية، وتربيتهم وتوجيههم نحو الأخلاق القويمة، وفي ظل غياب
إجراءات الردع ضد من تسول له نفسه التعدي على حرمات الغير. وإن غياب التوجيه
السليم والتربية الجنسية الواعية يفاقم من مشكلة التحرش، في ظل سكوت الضحايا وعدم
رغبتهم بالبوح، وفي ظل تقاعس الأطراف المعنية عن حماية الطفولة والنشء من مخاطر
هذه الجرائم.
ü
الانتهاكات البدنية: يكفينا أن نلقي نظرة على الأسواق أو
محلات الحرف والميكانيك، لنرصد نموذجا صارخا للانتهاكات البدنية التي تتعرض لها
الطفولة، والتي تتجلى بشكل فاضح في مسألة تشغيل الأطفال دون السن القانوني، مما
يحرمهم من النمو الطبيعي السليم. وفي ظل ظروف قاسية تنعدم فيها شروط العمل الصحية
والأخلاقية، إذ لا تخضع عملية التشغيل هذه للقانون، فلا تحترم عدد ساعات العمل أو
العطل أو الحد الأدنى للأجور أو التأمين الصحي والاجتماعي، وعادة ما يحمل الأطفال
أشق الأعمال، بل وتلقي الإهانات والشتائم والتحرش الجنسي، مما يجعل من حياتهم
كابوسا خطيرا يحرمهم من عملية تنشئة صحيحة موجهة تربويا.
ü
الانتهاكات النفسية: يعتبر الجانب النفسي هو الأكثر
هشاشة لدى الطفولة، لذا ما يتعرضون له من عملية عنف وإيذاء بدني أو نفسي في الأسرة
أو المدرسة أو الشارع، ينعكس سلبا على حالتهم السيكولوجية، ويدفع بهم إلى الانطواء
والعزلة والرغبة في تجاوز المحيط القاسي من خلال اللجوء إلى سلوكات متطرفة، مثل
ممارسة العنف المضاد على المؤسسات التي يعتبرونها مسؤولة عن شقائهم وتعاستهم
كالأسرة والمدرسة، أو اللجوء لتعاطي المخدرات، وقد تصل الأمور إلى حد خطير
كالانحراف والجرائم والانتحار وغيرها. وتزداد المسألة صعوبة حينما يحس الطفل بغياب
الحوار والتواصل معه، وغياب الحنان والرعاية العاطفية، مما يؤدي إلى تنشئة الأطفال
تنشئة نفسية معاقة تحمل فيها بذور الأمراض النفسية والعقلية المختلفة.
ü
الانتهاكات التربوية: يتجلى هذا النوع من الانتهاكات في
غياب التربية السليمة والتوجيه الأخلاقي والتربوي الملائم، خاصة وأن الأسرة اليوم
تخلت عن مهامها التربوية، وكذلك غدت المدرسة، مما يدفع الطفولة إلى الارتماء في
أحضان أوساط منحرفة تغرس فيهم بذور الشر والإجرام، وتدفع بهم نحو مهاوي التشرد
والانحراف. وتكون النتيجة المنتظرة من استقالة الأسرة والمدرسة وباقي مؤسسات
التوجيه الديني والأخلاقي والإعلامي، هو تنشئة منحرفة للأجيال الصاعدة، تنشأ
بموجبها عصابات اللصوص وقطاع الطرق، وجحافل من المدمنين والمتسكعين والمعاقين
ذهنيا، فنخسر من ثروتنا البشرية الشيء الكثير، نخسر الإنسان الذي هو خليفة الله في
أرضه هيأه لعمارتها وسخر له ما في السماوات والأرض ليبني مجتمعا صالحا مصلحا، ولكن
للأسف نحن بإهمالنا وتقاعسنا نساهم في تخريج كوادر المنحرفين الذين لا ينتفع بهم
في تنمية ولا في بناء مجتمع وفي خير دنيا ولا أخرى.
ü
الانتهاكات الاجتماعية: تتوقف هذه الانتهاكات على مستوى
العلاقات الاجتماعية التي تربطها الطفولة، وخاصة على مستوى العلاقات الأسرية،
فنسبة كبيرة من الأسر تعاني من التفكك والخصام وفقدان الرعاية الأبوية، مما ينعكس
سلبا على تربية وتنشئة الأطفال. فمازالت أسرنا لم تصل إلى مستوى ملائم من التوافق
والنضج اللذين يمكنانها من تربية جيل صالح، بل تخترقها الأزمات من كل جانب،
فمعاناة الأسر اليومية مع الهم الخبري المعاشي جعلها تستقيل من وظائفها التربوية،
بل الأدهى أن الأسر تعاني حالة من التفكك بسبب الطلاق والنزاع بين الأبوين، وفي ظل
اتجاه المجتمع نحو نموذج الأسرة النووية وفقدان العائلة الممتدة لدورها الاجتماعي
تتأزم الأوضاع، وتكون الطفولة أولى ضحايا هذه الحالات. وتتعمق هذه الانتهاكات أكثر
في ظل الفساد الذي يطبع الأجهزة الإدارية والقضائية ببلادنا، والتي لا تساهم في
توفير أدنى حد من الاستقرار الأسري ومعالجة المشاكل المتراكمة، وهذا يضاف إلى كون
مجتمعنا يشهد حالة من التوجه العام نحو الانخراط في العلاقات الرأسمالية المادية،
وبدأ يفقد كثيرا من قيمه التضامنية وأخلاقه، مما يهوي بنا في منحدر خطير من نمو
الأنانيات الفردية وتفشي العلاقات المصلحية، وغياب العمل التضامني الجماعي الهادف
إلى انتشال الطفولة من أحضان الفقر واليتم والبؤس والتشرد.
وبعد أن توقفنا عند أشكال
الانتهاكات التي تتعرض لها الطفولة، نذهب لاستجلاء أسبابها وكشف دور المسؤولين
عنها، وفعاليتهم في حماية هذه الطفولة البريئة من كل استغلال وانتهاك. وتأتي على
رأس لائحة هؤلاء المسؤولين؛ الأسرة والتي تعد بمثابة اللبنة الأولى في تربية
وتنشئة الطفل، لكن للأسف – كما ألمحنا سابقا – فإن الأسرة قد استقالت من وظيفتها
التربوية، ولم يعد لها من هم في ظل ظروف الأزمة الاقتصادية والاجتماعية إلا توفير
المعاش اليومي، ونسيت كل دور تربوي لها في توجيه الأبناء ورعايتهم وتوفير الحاضنة
العاطفية والاجتماعية لهم. مما ألقى بهم في أحضان الشارع، والذي أضحى موبوءا بشتى
الأمراض السلوكية والأخلاقية التي غزتنا مع الانفتاح الإعلامي والثقافي، ونشرت فيه
كل أنواع الانحراف الأخلاقي، في ظل غياب أو تجاهل السلطات المعنية للحالة الخطيرة
التي يهوي إليها مجتمعنا، مع ازدياد حدة الجريمة وانتشار المخدرات بأنواعها، وفتح
أوكار الفساد. وإن الأسرة وخاصة الوالدين مدعوان اليوم إلى ضرورة الوعي بالتحديات
الجديدة التي يفرضها العصر على تربية وتنشئة الأطفال، خاصة في ظل وصول الفساد إلى
عقر البيوت، وحيث يساهمان في نشره بوعي أو بدون وعي من خلال القنوات الفضائية
والتلفزية والأنترنيت وملابس الموضة واللعب الترفيهية. لهذا وجب الحذر والانتباه
مما نجلب لأولادنا وبناتنا، ونوجههم نحو الأخلاق الحميدة من خلال القدوة الحسنة
والمعاملة اللطيفة والتواصل البناء الهادف، والشراكة الفاعلة مع مختلف المؤسسات
المجتمعية الأخرى التي يمكن أن تساهم في تحمل مسؤولية التربية أيضا وخاصة المدرسة.
تعتبر المدرسة بمثابة
الأسرة الثانية للطفل، وهي لا تقل في أداء دورها ومسؤوليتها أهمية عن الأسرة، لكن
واقع المدرسة المغربية المتخلف عن مواكبة التحولات الاجتماعية، والغارق في
الشكليات دون المضامين التربوية الهادفة لا يسعفانها في أداء رسالتها التربوية كما
يجب. بل أضحت المدرسة ويراد لها ذلك، أن تكون مؤسسة معرفية مهاراتية خالصة، تعطي
المعرفة والمهارات دون أن تلتفت إلى الأهم وهو القالب التربوي الذي ينبغي أن تقدم
فيه تلك المعارف والمهارات وهو الأهم، بغية بناء المواطن الصالح المصلح. وإن كانت
المدرسة المغربية بنمطها الحالي في ظل السياسة التربوية العرجاء الموجودة حاليا لا
تسعف في أداء هذه المهمة التربوية، فإن أطراف العملية التربوية داخل المدرسة عليهم
أن يتحملوا تلك المسؤولية عن طواعية، دون انتظار التوجيهات الإدارية البيروقراطية،
وأن ينخرطوا في بناء جيل جديد صالح فاعل في مجتمعه، متشبع بقيم دينه وحب وطنه،
قادر على خلق الحركة الإيجابية في العالم والتاريخ.
كما أن المجتمع الأهلي
وروابطه يتحملون مسؤولية في هذا العمل التربوي البناء، وأقصد هنا بالمجتمع الأهلي
مختلف التنظيمات الذاتية التي ترعى شؤون المجتمع، مثل العائلات الكبرى والمساجد
وجماعات الدواوير والأحياء والزوايا والتنظيمات الدينية وغيرها، فلا بد كل طرف أن
يؤدي مهمته كما ينبغي وأن يساهم في التوجيه الأخلاقي والتربوي.
وتبقى مسؤولية الدولة ذات
أهمية كبيرة لأنها صاحبة القرار والتدبير، فيجب عليها مراجعة القوانين الجارية
ووضع قوانين جديدة تساهم في حماية الطفولة ورعايتها، وتوفير كل الوسائل والموارد
المادية والبشرية لتؤدي كل مؤسساتها الدور المنوط بها في عملية تنشئة الطفولة،
خاصة أن تولي قضية التربية والتعليم العناية القصوى وتعطيها الأهمية المستحقة، من
خلال جعلها قضية مجتمعية وإشراك كل الفاعلين في الشأن التربوي والتعليمي نحو صياغة
سياسة تربوية جديدة ذات مقاصد وأهداف واضحة تروم خدمة المجتمع أولا وقبل كل شيء.
كما يجب على مختلف السلطات تحمل مسؤولياتها في أداء وظائفها كما يجب سواء الأمنية
أو القضائية أو الجماعية أو المحلية، بغية توفير جو مناسب لتربية الجيل الجديد.
وعلى وسائل الإعلام أن تؤدي
دورها التربوي بجدية في وقاية أطفالنا من كل أشكال الانحراف السلوكي والأخلاقي،
وتقديم المواد الإعلامية الهادفة وتنمية الوعي بأهمية الطفولة وطرق التعامل معها،
والمساهمة في عملية تنشئتها وتربيتها، والحرص على حمايتها وفضح كل منتهكي حقوقها.
بدل نشر ثقافة الميوعة والعنف، والقيم الهابطة في المجتمع، عليها التشجيع على إيلاء
الجوانب التربوية حيزها من عروضها الإعلامية.
ويبقى للمجتمع المدني دور
فاعل في التحسيس والتوعية، وأيضا في الرصد والمتابعة لكل أشكال الانتهاكات التي
تتعرض لها الطفولة، ولا يكفي بالتدخل حتى تقع المصائب، بل عليه التحرك الإيجابي
الفاعل قبل ذلك في فضح تلك الانتهاكات، وتوفير الأجواء المناسبة لتربية الأطفال.
وعلى كافة الأطراف الفاعلة توفير الفضاءات المناسبة لتدريب الأطفال على إبراز
مواهبهم وتنمية قدراتهم، والانفتاح على العالم الخارجي في ظل الشروط التربوية
المناسبة.
وهذا تبقى مسؤولية ودور طل
طرف حاسمة في إخراج الطفولة من هذا الواقع البائس الذي تغرق فيه بغية فتح آفاق
التربية والتنشئة الصالحة أمامها، وإن كان بعضها يتحمل المسؤولية الأكبر في ذلك
خاصة الأسر والمدارس. وعليه أظن أن النداء قد وصل إلى من يهمه الأمر، قبل أن يفوت
الأوان ونندم على الفرص الكثيرة التي نضيعها يوميا، وقبل أن يأتي علينا يوم نضمحل
فيه كمجتمع، لأننا فرطنا في الأجيال الجديدة التي ستشكل عماد هذا المجتمع، لم نولي
لها ما تستحق من العناية والتربية والتنشئة، فهيا بنا لإنقاذ طفولتنا قبل أن يسبق
السيف العذل؟؟؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق