دراسة ميدانية حول أضرحة مدينة فجيج بشرق المغرب
مقدمة:
الحمد لله الذي بتحميده يستفتح كل كتاب، وبذكره يصدر كل
كتاب، وبحمده يتنعم أهل النعيم في دار الثواب، ونصل على نبيه محمد صلى الله عليه
وعلى آله وصحبه صلاة تنقدنا من هول المطلع يوم العرض والحساب، وتمهد لنا عند الله
زلفى وحسن مآب..وبعد:
لقد دفع موقع فجيج المتميز وتاريخها العريق الكثير من
رجالات العلم وذوي النفوذ السياسي والصلحاء إلى الالتجاء إليها، إما رغبة في طلب
العلم، أو من اجل تأسيس زاوية، او هربا...، وقد خلف بعض هؤلاء زوايا لتدريس العلم
وإطعام الطعام...و ارتبط في أذهان أهل فجيج منذ زمن بعيد اعتبارها مركزا حضاريا،
فأقاموا بها المساجد وشيدوا القصور وبنوا القلاع، وكان لأضرحة الأولياء نصيب
متميز، فأقيم العديد منها وسط القصور،
وعلى هوامش الواحة.
وتعكس هذه البنايات كمثيلاتها من المنجزات العمرانية
حنكة المعماري الفيجيجي، ومن جهة أخرى يعتبر اهتمام الإنسان الفيجيجي بهذه الأضرحة
نوعا من أنواع رد الاعتبار لهذه الفئات من المجتمع.
فإلى أي حد يمكن اعتبار هذه المعالم المعمارية
والتاريخية جزءا من ذاكرة وتراث فيجيج العريق؟ مع العلم أن مع وفاة كل معمر تموت
ذاكرة، ومع سقوط كل بناء تمزق صفحة حضارة.
الفصل
الأول:
فجيج
الموقع الجغرافي
تمتد واحة فجيج
على مساحة 25 كلم2 وتضم حاليا 7 قصور، تحيط به الجبال من كل جانب، وهي
امتداد لجبال الأطلس الصحراوي، ويتقاسم سكانها مع بعض القبائل العربية الرحلية
كأولاد جرير العمور، استغلال بعض الواحات إلى حدود منتصف القرن الماضي قبل امتداد
المسلطة الفرنسية.
ولفجيج موقع استراتيجي مهم باعتبارها ملتقى طرق
رئيسية في منطقة الجنوب الشرقي الرابطة بين الشمال والجنوب، بين تلمسان وواحة كورارة
وما بين الغرب والشرق، فوادي زوزفانة كان يشكل طريق القوافل التجارية التي تنطلق
من فجيج نحو توات والسودان[1].
وأهم ما يميز
الواحة فضلا عن موقعها الاستراتيجي:
- وجودها بين
سلاسل جبلية حمتها من هجمات العدو طوال السنين، ومن زحف الرمال التي يشكل أحد
عوامل التصحر.
- العيون
المائية المتفجرة وسط قصورها والتي منحت الحياة لواحاتها، ومما جعل منها مركزا
تجاريا وسوقا تقصده قبائل الأعراب المحيطة كدوي منيع وبني كيل، ومركزا دينيا
وثقافيا استقطب عددا كبيرا من العلماء وجما غفيرا من طلبة العلم والصلحاء
والأولياء، مما جعل من فجيج على مر العصور احدى الحواضر المغربية بامتياز وبوابة
المغرب المنفتحة على الصحراء.
ويمكن تقسيم
تضاريس فجيج إلى ثلاث وحدات رئيسية:
1 – المنخفض:
هو على شكل مثلث دو قاعدة تمتد ما بين الجنوب والشمال الغربي في ناحية الشرق تحيط
به الجبال من جميع الاتجاهات.
2 – المرتفعات
: هي ثلاث مجموعات جبلية تحيط بالمثلث الفيجيجي: تتكون من جبلي الحيمر وكروز في الشمال
الغربي وجبال العرجة وزريكة سيدي عبد القادر في الشمال الشرقي، وجبال الملياس
وزناكة وتاغيت، ويصل علو هذه المرتفعات إلى 1400متر وتفصل بين هذه الجبال منخفضات
على شكل ممرات تكتونية وسهول داخلية تختلف من حيث الاتساع[2].
وقد دفع الصلحاء والأولياء ولعهم بالواحة تأسيس زوايا
ومدارس علمية، أبرزها زاوية سيدي عبد القادر وزاوية سيدي أحمد بن موسى.
يقول عبد الرحمان بن زيدان في وصف واحة فجيج ":
"...يطلق اسم فجيج على مجموعة من الواحات الواقعة بأقصى
نقطة في الحدود الجنوبية الشرقية للمملكة المغربية، وتقع هذه الواحات على علو 900
م، تسقى من عيون متفجرة من نجد لوداغير، وأهلها يهاجرون كثيرا إلى الشمال للاتجار،
ومنهم من يفلحون الأرض ويتعيشون من البساتين التي يبلغ عدد نخلها 200 ألف نخلة، وهم
يقيمون في قرى متجاورة تدعى قصورا كالزناكة والوداغير والعبيدات والمعيز وأولاد
سليمان والحمام الفوقاني والحمام التحتاني..."[3].
لمحة موجزة عن تاريخ فجيج:
وجد في أماكن كثيرة من إقليم فجيج، وعين الصفراء،
وجيربيل، والقنادسة على مجموعات ذات قيمة تاريخية مهمة من النقوش الصخرية، والتي
تمثل حيوانات كالجاموس القديم والفيلة، وأغرب ما وجد هو صورة لكبش يحمل بين قرنيه
نجما مشعا، يحيلنا إلى كبش عمون في مصر، ويذكر
"اسطيفان كزيل " أن تاريخ هذه النقوش يرجع إلى ثلاثة ألاف عام
قبل الميلاد.
وعند دخول الإسلام كان أهل فجيج يدينون بالمسيحية، ومع
ذلك كانت فجيج من المناطق السباقة إلى الترحيب بالإسلام، وفي عهد السعديين حضيت
فجيج باهتمام السلطان عبد الملك لما تولى سلطة البلاد عام 983 هـ /1575م، وتزامن
حكمه مع تعرضها لغارات الأتراك الذين كانوا يستهدفون فرض سيطرتهم عليها، في ولاية
رمضان باشا على الجزائر.
وعلى عهد السلطة العلوية ذانت فجيج للسلطان إسماعيل
وشهدت نوعا من الاستقرار، وعين السلطان اسماعيل ولده عبد الملك عاملا على فجيج وما
جاورها، لكن هذا الأخير أساء معاملة أهل المنطقة فعين بدله عبد الوهاب الغرناطي
وكان ذلك سنة 1122 هـ.
وقد جابها الفيجيجيون نهاية القرن التاسع عشر وبداية
القرن العشرين، جميع أشكال التسرب الاستعماري، بما يملكونه من وسائل رغم ما تشكل
الطوابع الفرنسية من قوة ضاربة، فقد قاموا بتحصين القصور والغابات، وحفر الخنادق
وبناء الأسوار والأبراج الجديدة والزيادة في سمك بعضها.
الفصل
الثاني:
قصر
لوداغير، "ايت عدي"
ترتبط تسمية
القصر بمجموعة من الأقوال: القول الأول: فنسبة إلى الشرفاء الوتدغيريين الذين قدموا إلى
فكيك منذ النصف الثاني من القرن الرابع الهجري، أما القول الثاني، فهو أن رجلا من الشرفاء كان يتجول بين
أزقة فاس ومعه طفل صغير، فسأله أحد معارفه عن ذلك الطفل، هل هو ابنه قال، ولد
غيري، وهكذا شاع بين الناس هذا الجواب، فاطلق على هؤلاء الشرفاء، ومنه أخذ القصر
هذه التسمية.
القول الثالث
يعود أصل النسبة إلى الواد كيري، إلى نزول الشيخ عيسى بن عبد الرحمان الوتدغيري
بفجيج عن طريق وادي كيري، وقد طال ترحال الوتدغيرين به، ولكي يميزهم الناس عن
غيرهن من الشرفاء اطلقوا عليهم اسم الودتدكيرين، ومن التسميات المتداولة
الورتضغيري، الوتدغيري، والوتدغيري، وهي أكثر الاطلاقات شيوعا، أما الاسم البربري
"أيت عدي" فيرتبط بالولي الصالح، الفقيه الامام عيسى بن سعيد الملقب
بعدي[4].
سيدي بنعيسى لعرج:
من أبناء الشيخ عبد القادر بن محمد والدته السيدة فاطمة
بنت العلامة محمد بن عبد الجبار المعيزي الشهيرة بتامقرانت أي الكبيرة بلسان الأمازيغ،
والكثير من أخبار والده نقلها عنه العلامة أحمد ابن بكر السكوني في كتابه "تقوية
إيمان المحبين"، وهو الابن الأعرج الذي ذكر الشيخ العلامة المربي سيدي محمد
بن عبد الرحمان السهلي لتلميذه الشيخ سيدي عبد القادر أنه سيولد له، وتفيد بعض
الروايات الشفوية أن سيدي بنعيسى كان يتعبد في الجبل فرأى فيما يراه النائم أن
أحدهم خاطبه قائلا: "ديركانون بين أربعين كانون بعيد على الخلاط وقريب
للتعياط"، فاتجه إلى منطقة العباد، وأسس زاوية تدرس القرآن، وتلقن المديح، توفي
أواخر القرن الحادي عشر الهجري (السابع الميلادي). ودفن بالعباد بفجيج، وبني ضريحه
المجاهد بوعمامة سنة 1894م[5]،
وكان يقام له موسم سنوي يسمى "بموسم لعمور"، ولم يقدر له الاستمرار.
يطل ضريحه على واحات "قصر زناقة"، في مرتفع يتوسط قصري لوداغير
وازناقة، وبجانبه مقبرة، داخل الضريح يوجد قبر المجاهد "سيد الشيخ لمنور"
الشيخ الذي استشهد سنة 1903 في معارك ضد القوات الفرنسية بعد قصفها للمسجد الأعظم
بقصر زناكة.
ضريح سيدي بنعيسى
سيدي امحمد بن الصغير:
الولي الصالح محمد بن الصغير بن علي بن عيسى، من احفاد
سيدي علي بن عيسى، فقيه متمرس أقبل على نسخ الكتب، وهو من آل عيسى البرزوزيين، ومن
آثاره
شرح رسالة الشيخ التتائي المصري في
جزءين توفى بعد عام 1106هـ[6]،
يوجد ضريحه "بمقر الرحبة" ويتوفر الضريح على قبة و باب ونافدة، ومعظم
زائريه يقدمون من المغرب، ويعرف في الأوساط الشعبية ب "سيدي محمد
اوصغير"، وتوفي عام 1106هـ.
سيدي احمد بن محمد بن زيان:
وينتمي لال زيان وهم من الشرفاء الوتدغيريين، وتوفي سنة
985هـ وخلف خمسة أبناء، ومن أشهرهم:
* محمد بن محمد بن أحمد بن سليمان المحرزي، وكان فقيها، عام 1206هـ.
* أبو القاسم بن أحمد بن زيان: جمع بين الشعر والتصوف والحديث والفقه، توفي
حوالي عام 1320هـ.
* احمد بن زيان بن يعقوب: اهتم بعلم القراءات إلى جانب الفقه.
* محمد بن أحمد بن التنوري بن زيان: كان متصوفا تيجاني الطريقة[7]،
إلى جانب اهتمامه بالعلوم الشرعية.
يعرف الشيخ أحمد بن محمد بين أوساط العامة "بسيدي
أحمد أوزيان".، تقع قبته وسط قصر لوداغير، في مكان غير أهل بالسكان، والنساء
يمثلن الفئة الأكثر ترددا على هذا المزار
سيدي أحمد أو محمد :
يوجد بجماعة لوداغير، إقليم فجيج، ويتوفر الضريح على قبة
بباب وأربعة نوافذ وتذكر احدى الروايات أن داخل الضريح دفن أربعة مصريين، ولا
تتجاوز شهرة الضريح المناطق المحيطة به[8].
سيدي أحمد أو علي:
على أطراف قصر الوداغير شيد ضريح سيد أحمد وعلي، وسط
مقبرة، وقد توج بقبة وباب، ويتوافد إليه الزوار من مناطق خارج فجيج (الجزائر)، وهم
في غالبيتهم ذوي مستويات علمية واجتماعية مختلفة، ومن طقوس زيارته اشعال الشموع
لغرض زيارته.
سيدي خليل بن عبد الوافي:
ضريح سيدي خليل بن عبد الوافي
دفين روضة الأديب عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر
السكوني، كان تقيا ورعا، وفقيها مربيا، ويتوافد على زيارته سكان المنطقة - التي
تجاور ضريحه - من مختلف الأعمار، وفي معظمهم مغاربة تتباين مستوياتهم العلمية،
وزمن زيارته غير محدد.
سيد خليل بن عثمان بن عبد الوافي:
ورد ذكره في كتاب تقوية ايمان المحبين، من أهل القرن
الحادي عشر الهجري، اقتفى أثر جده في التصوف، فكان ورعا، ملازما للشيخين محمد بن
عمرو بن يدير وعبد القادر السماحي. توفي سنة 1056هـ.
ويذكر السكوني في مناقبه أن الشيخ خليل المذكور كان خادما لسيدي محمد بن عمرو
بن يدير، فطلب منه يوما السر، فقال له: لم يأذن لي شيخك بذلك فأرسله إلى الشيخ عبد
القادر بن محمد[9].
سيدي أحمد أو عبد الملك:
سيدي أحمد من الرجالات الذين يصعب العثور على أثر يبين
حقيقة نسبهم، أو انتمائهم، فضلا عن الوقوف على اهتماماتهم الدينية أو الاجتماعية،
واستنادا على بعض الروايات الشفوية، فالضريح هو للولي المشهور "بسيدي احمد او
عبد الملك"، وهي قبة متواضعة، بسيطة في بناءها لا تبعد كثيرا عن قبر سيدي علي
او عيسى، يتردد على زيارة الضريح مختلف شرائح المجتمع الفيجيجي الغرض من الزيارة
عند الكثير منهم هو علاج بعض الأمراض، وخاصة الأمراض الجلدية (التولال)، بوضع
القليل من تربة الضريح على موضع الداء[10].
ضريح سيدي أحمد أو عبد الملك:
سيدي علي بن عيسى:
على مشارف قصر لوداغير في مكان أهل بالسكان ينتصب ضريح
الولي الصالح الملقب "بسيدي علي أو عيسى"، ومن المفترض أن يكون الضريح
لعلي بنعيسى بن محمد البزوزي، ، كان وليا صالحا، عالما امتاز بسلطة روحية ولد بقصر
بني جرنيت، وعاش خلال القرن 8 هـ، وبداية القرن 9هـ أنشأ خلالها زاوية، درس فيها
العلم، وتولى امامة المسجد العتيق[11].
ومنه ينحدر جميع آل عيسى القاطنين بقصر لوداغير، وأحواز
العيون سيدي ملوك ويوجد ضريحه بين السورين الخارجي والداخلي لقصر لوداغير، وتولى
حفدته إعادة ترميمه، فهو عبارة عن مبنى بباب ونوافذ صغيرة، محاط بسياج حديدي،
ومتوج بقبة، اغلب الوافدين لزيارة الولي من الإناث والأطفال الذين يأتون برفقة
أمهاتهم.
ضريح سيدي علي بن عيسى
سيدي عبد الوافي:
يرتفع نسبه إلى محمد بن عمار الفيجيجي، وقد ظهر الشيخ
عبد الوافي في عصر السعديين خلال القرن 10 هـ، وحظي بتوقير واحترام كبيرين لدى
السلاطين الذين عاصرهم، خاصة السلطان عبد الملك واحمد المنصور السعدي[12].
الفصل الثالث:
قصر
زناكة، "إصناكن"
إن تسمية هذا القصر مرتبط بقبيلة صنهاجية البربرية التي
تمكنت خلال القرن الخامس الهجري من طرد الزناتيين إلى الهضبة لتستقر هي بالسهل
قادمة من الجنوب الغربي، وقد أسست حصنا هو الذي يتألف منه اليوم القصر المذكور،
ويشار لبعض القصور بهذا الاسم في بعض البلدان كالسنغال، وبعض قصور الجنوب المغربي[13].
سيدي افضل:
ينتمي لال فضل وهي أغزر أبناء سيدي فضل علما ووارث، سره
من المشايخ العابدين والفقهاء المتمرسين، تعاطى التدريس في زاويته العلمية وألحق
بها خزانة كتب عظيمة أثراها أحفاده من بعده، توفي عام 1035 هـ، وآل فضل أسرة علم
وتصوف وفقه ومن أشهر أبناءها: أبو زيان بن فضل محمد بن أبي زيان – محمد بن أفضل –
محمد بن الشيخ بن محمد بن أفضل- محمد بن سليمان ابن أفضل - محمد بن سليمان ابن
أفضل – عبد القادر بن أحمد بن موسى ابن أفضل- علي بن محمد بن علي ابن فضل.
ضريحه: يوجد ضريح سيدي
محمد او فضل بقصر ازناقة محاطا بسور تتوسطه مقبرة كبيرة، ويتوفر على قبة، وغرض
زيارة ضريحه عند العامة هو التخلص من بعض الأمراض (من بينها آفة التدخين، وذلك
بوضع سجارة المدخن في الضريح إيذانا بقطعه)، وانسب أوقات الزيارة تكون يوم الخميس
والجمعة من وقت صلاة المغرب إلى العشاء، وأبرز ما روى عن كراماته، أنه كانت تعقد
جلسات وهي عبارة عن محاكم مصغرة يلجأ المتخاصمان إلى حلف اليمين بوضع الأيدي على
المصحف المشهور الذي كتبه بخطه، فلا يمر إلا وقت يسير حتى يصاب الظالم بمرض عضال
كالشلل أو العمى...
ضريح سيدي فضل
سيدي منصور:
لا تتجاوز المسافة التي تفصل ضريح سيدي محمد أو فضل عن
الولي سيدي منصور عشرات الأمتار، ويحيط بضريح سيد منصور مجموعة من المباني
والمقاهي، وهو عبارة عن بناء صغير تعلوه قبة بباب، ومن العادات المرتبطة بزيارة
هذا الولي، أن يرش قبره "بالحناء" بعد أن يرزق الأهل بمولود ذكر وأبرز
أوقات زيارته تكون أيام الأربعاء بعد صلاة العصر.
الفصل
الرابع:
قصر
أولاد سليمان
إن كان الاسم الذي أضيف لهذا القصر يوحي بانتمائه للشخص
الذي أخذ اسمه، فإن ذلك يبقى مجرد احتمال يدعو إلى المزيد من البحث حول أصل
التسمية، وخلال القرن 13 هـ عرف قصر أولاد سليمان حركة صوفية نشيطة مقارنة بالمجال
العلمي، مثله في ذلك مثل قصر لمعيز ولوداغير، وهما أرقى قصور فجيج علما، ولعل
الضياع كان أهم أسباب اندثار إشعاعها العلمي والثقافي في حين تناقل العامة ما
خلفه، روادها في المعرفة الصوفية والسلوكية[14].
سيد عبد الله افريحة / سيدي عيسى بن عمر:
يرجع الأستاذ بنعلي وفاة الشيخ عبد الله او فريحة سنة
1233م، وكان لشيخه العربي بن أحمد الدرقاوي الفضل الكبير في توجيهه التوجيه العلمي
والفقهي من خلال الرسائل التي وجهها إليه[15]،
فكان يدفعه إلى تعلم أمور الدين والتفقه فيه، وظهر نبوغه في ميدان التصوف، وقد
وصفه شيخه بالصالح الناسك، وكلفه ببناء زاوية في قصر أولاد سليمان تكون معقلا
للدرقاويين، وبعد أن اشتهر ذكره خصه السلطان عبد الرحمان بظهائر التوقير
والاحترام، وقد توفي في خلافته حوالي 1276 هـ، ثم تولى ابنه محمد المنفي بعده مهام
تسيير زاويته، ويعرف أهل هذا البيت بال حسون.
وإذا تتبعنا ما يتناقله حفدته ومريدوه فإنه كان ملما
بالعلوم الشرعية، ونظرا لعلو كعبه فيها فإن قبائل زناكة كانت تلح في طلبه، لتستنير
من علمه، ولتعمها بركته، ويقال إن لديه كتبا تعرضت للضياع، يعرفه العامة بمنطقة
فجيج ويأتيه بعضهم من مناطق مجاورة داخل المغرب، زواره من أعمار مختلفة، أما ضريحه
فيوجد بمحاذاة المسجد العتيق، وهي غرفة صغيرة تضم إلى جانب قبره قبر سيدي عيسى بن
عمر، وما يثير الانتباه وجود حفرة صغيرة إلى جانب قبر سيدي عيسى، يقال أن الولي
أوصى بها لتكون مكانا يضع فيه زوار القبر ما تجود به أيديهم من هدايا نقدية وعينية
توضع تحت رهن الفقراء والمساكين.
سيدي محمد الغريبي:
ما يعرف عنهم أنه ليس من أهل فجيج وإنما أتى
إليها من مكة، فسمي "الغريبي"، يقع ضريح وسط القصر في مكان أهل بالسكان،
قرب ممر أبار ولا يتوفر الضريح على قبة، يقصده الزوار من أعمار مختلفة محملين
بهدايا متنوعة (ذبائح)، ويدعون الله أن يرزقهم الغيث النافع.
سيدي صالح:
يوجد الضريح بقبيلة الودارنة، جماعة فجيج،
بجانب الطريق المؤدي إلى الحمام الأعلى، وتبقى شهرته محدودة مقارنة مع باقي صلحاء
وأولياء فجيج.
الفصل
الخامس:
قـــــــصــــر
لمعـــــــيــــز
يرجع الأستاذ محمد بنعلي بوزيان أصل تسمية
القصر إلى رجل ورتدغيري من البرزوزيين يدعى علي بن محمد بن عمر بن زيان بن امبارك
بن زيان بن لمعيز، ظهر خلال القرن 7 هـ ،
وشكل قصر لمعيز صرحا من الصروح المعمارية التي تنضاف إلى قصور بربرية أخرى منها
قصر: آيت برا، وأيت شريمن، وأيت جرنيت، وقد قوي قصر لمعيز واتسعت رقعته بعد التفكك
الذي عرفته بقية القصور الثلاثة المذكورة التي أصابها الركود فانضمت إلى قصر لمعيز[16].
سيدي عبد الجبار:
هو عبد الجبار
بن أحمد بن موس الورتضغيري، اشتهر بالعلم وتنقل لطلبه بكل من فاس، وبجاية وتونس
وطرابلس، فالتقى بكبار علمائها، وخلف مجموعة من الآثار العلمية في مجال التفسير
والفقه[17].
لقي ضريحه
عناية فائقة، فزينت جدرانه الداخلية بالفسيفساء، أما قبره والقبور المجاورة له
فبنيت بالرخام الأبيض، وتميز قبره بتابوت خشبي كبير تكسوه أثواب، أما باقي القبور
المتواجدة داخل الضريح فقد أخبرنا أنها لمصريين وفدوا في عهده من أجل طلب العلم،
وعند موتهم دفنوا بجانبه، والضريح يقع وسط القصر لمعيز.
وتتألف الهدايا
التي يحضرها الزوار إلى الضريح من شموع وبخور ونقود تترك في صندوق الضريح الذي يسهر
على صيانته أحفاد سيدي عبد الجبار ويتكفلون بتنظيم موسم سنوي يحصلون من خلاله على
هبة من الملك محمد السادس لإحياء ذكرى وفاة والده الملك الحسن الثاني، ويتخلل
الحفل تلاوة آيات من الذكر الحكيم، والمديح الديني[18].
مقر ضريح سيدي عبد الجبار
سيدي الشادلي:
خارج قصر المعيز بجوار مقبرة الشهداء شيد ضريح سيدي الشادلي،
وقربه ضريح سيدي رحو، ويميزه عنه قبة، وبجانب
قبره اقيم قبر ابنه، وقد غطي القبران بأثواب خضراء، وأخذ قبر زوجته بجانبه شكلا
معاكسا لقبريهما وتوفي الرجل شهيدا في أحد المعارك الفجيجية[19].
سيدي أحمد بن موسى:
يوجد ضريحه أسفل المسجد الذي بناه وفوق مستحم أرضي على
طريق سيدي عبد الجبار[20]،
ورغم أن سيدي أحمد لم يبلغ مرتبة الشهرة التي تبوأها ابنه سيد عبد الجبار، لكنه
الوالد كان له الأثر الكبير في بلوغ الابن مرتبة المجد في ميدان العلم والتصوف[21]،
وكان سباقا لبناء مسجد للعبادة ومستحم للغسل و الوضوء، ليتم ابنه بعد ذلك بناء
زاوية لإطعام والإيواء[22].
الفصل
السادس:
قصر
العبيدات، "آيت انج"
كان القصر امتدادا لزوايتي عبد الوافي وآل سكون،
والاعتقاد السائد أن سبب تسمية القصر بالعبيدات، هو نسبته إلى عبيد البخاري، وقد نزلت
بعض عناصره في المكان الذي يشغله القصر حاليا، فسمي القصر باسمهم، وذلك على عهد
السلطان عبد الملك، لكن هذا الرأي لا تؤيده الوثائق، لأن إطلاق العبيد سابق لظهور
عبيد البخاري، ومن جهة أخرى فإن آل عبد الوافي وبني سكون الذي سكنوا القصر كانوا يستخدمون عددا مهما من العبيد فهل لهذه
التسمية علاقة بتواجدهم؟[23].
مزار مولى بغداد:
هو عبارة عن مزار، خارج مدينة فجيج، على ممر قشطين (جبل
قشطين)، وفي مكان مهجور شيد المزار، وهو عبارة بناء بسيط تاكلت جدرانه، ووجود
مدخنة "كانون" يشهد على توافد الزائرين أو عابري السبيل للمبيت، وتحضير
الولائم.
والغرض من زيارة مولى بغداد هو جلب الغائب ، فينادي أحد أقاربه باسمه، أملا
في أن يسمع قريبه الغائب ندائه، وإذا وقع وتحققت أمنيته باسترجاع غائبه وجب عليه
ذبح الحمام[24].
ضريح سيدي محمد بوبشر:
يوجد الضريح
خارج القصر قرب مقبرة العبيدات في مكان منعزل عن الساكنة، يحده طريق قشتين وممر
الغابة، وهو عبارة عن غرفة بباب وقبة، دفن الولي الصالح داخلها، ويحضر الزوار
هدايا عينية (شموع، بخور، تمر)، وهدايا نقدية.
الفصل
السابع:
قصر
الحمام الفوقاني، "أيت عامر"
يرجع "لويس روسليه" سبب تسميته قصر الحمام
الأعلى إلى وجود إحدى العيون المائية، والتي تبلغ درجة حراراتها 50 درجة، وسكان
هذا القصر مزيج من قبائل أولاد ميمون، وأولاد عنان، وأولاد علي بن عيسى، وأولاد
علي بن عامر، مما دفع بالأستاذ محمد بنعلي إلى تبني الطرح الذي يجعل من الفرقة
الأخيرة أصلا لساكنة قصر الحمام الفوقاني[25].
سيدي عبد القادر:
هو
عبد القادر بن محمد بن سليمان بن أبي سماحة، الفقيه القدوة، المربي، المجاهد
الشهيد من نجل الصحابي الجليل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، قدم جده سليمان بن أبي
سماحة من مراكش إلى فجيج في بدايات القرن العاشر الهجري، ولد عبد القادر بن محمد بالشلالة
الظهرانية سنة 940 هـ/1533م[26]،
أخذ درس القرآن واتقن حفظه في بداية أمره، ولقي العلامة محمد بن عبد الرحمان ابن
أبي بكر السكوني الودغيري وبفجيج أخذ العلم عن رئيس علمائها أبي القاسم بن محمد بن
عبد الجبار (ت 1011)[27].
ثم انتقل إلى فاس وأخذ عن العلامة سيدي عبد القادر الفاسي، وأخذ مذهب
التصوف عن المربي ابن عبد الله سيد محمد بن عبد الرحمان السهلي، المتوفى سنة 990هـ،
أسس عبد القادر بن محمد زاوية من أكبر زوايا المنطقة، قدم إليها العامة، وقصدها
الناس مما جعل منها من أشهر منارات التصوف بالمغرب.
ضريحه:
من أضخم الأضرحة يحتوي على أربع قباب تتوسطها قبة يبلغ
طولها حوالي الخمس أمتار وتتحدث أشهر الروايات عن كونها قبة مفترضة بناها حفيده
بوعمامة، بينما يوجد الضريح الذي به قبره ببلدة الأبيض بالجزائر، قتل اثر جروح
أصيب بها في مواجهة الاسبان قرب وهران سنة 1616م، بمنطقة حدها العياشي في رحلته
بين كراكدة وأربا. وأشهر من خلفه عبد القادر بن محمد مجال قصيدته في التصوف التي
وضع لها اسم "الياقوته" تيمنا بالمشايخ الذين ذكروا فيها.
ويقول العلامة أحمد ابن أبي بكر السكوني عن مناقب الشيخ:
"...ومن مناقبه بعد موته بعد موته أن سنة من السنين حمل وادي بني ونيف في
زمان الحصاد، وزروعهم في أنادرهم وحمل الوادي جميع زرع أهل القرية وأندر الشيخ في
وسطها، فلم يصب منه شيئا، وبقي الناس يتحيرون في قدره الله تعالى.."[28].
ضريح سيد الشيخ:
على هضبة تطل على واد الثلاث، بين ممر علال الفاسي
وبوعمامة، وبجانب من قصر الحمام الفوقي يقع ضريح سيد الشيخ بلحرمة بن ابراهيم بن
التاج بن عبد القادر بن محمد بن سليمان بن بوسماحة، غطي قبره بأثواب حمراء وخضراء،
وتوج ضريحه بقبة، ويحمل الزوار أثناء الزيارة الشموع وبعض الهدايا كالسكر والزرع.
سيدي لمنور – سيدي بغداد:
وغير بعيد عن
ضريح سيدي عبد القادر، يوجد بقصر الحمام الفوقاني قبر سيدي لمنور ويعرف عند العامة
"بسيدي نوار"، يتوسط مجموعة من الأبنية به قبة، أما شهرته فلا تتجاوز
منطقة فجيج، ويتقاسم مع ضريح سيدي بغداد نفس المكان لكنه يتميز عنه بعدم توفره على
قبة، وبعد ترميم ضريح سيدي بغداد لم يحدد مكان قبره، ويحضر الزوار كل ما تجود به
أيديهم من نقود وشموع وطيور تذبح[29].
لائحة
المصادر والمراجع
1. عبد الرحمن
بن زيدان، "العز والصولة في معالم الدولة"، المطبعة الملكية بالرباط.
2. أحمد بن أبي
بكر السكوني، "تقوية إيمان المحبين في مناقب الشيخ عبد القادر بن محمد"،
تحقيق عبد الله طواهرية.
3. طواهرية عبد
الله، "تذكرة الخلان في مناقب العلامة الشيخ سيدي سليمان بن أبي سماحة البكري"،
المطبعة العربية، 11 نهج الطالبي أحمد، غرداية، 2002.
4. العربي
الهلالي، "فجيج تاريخ وثائق ومعالم: المسجد العتيق، الصومعة الحجرية"،
المطابع المغربية والدولية، طنجة، الطبعة الأولى، 1981.
5. محمد بوزيان
بن علي، "بيوتات العلم والأدب بفجيج"، مطبعة الجسور، وجدة 2003.
6. أحمد مزيان،
"فكيك مساهمة في دراسة المجتمع الواحي المغربي خلال القرن التاسع عشر 1845 – 1903". 1988 رقم الإيداع القانوني
268.
7. سلطانة
خلفاوي، "أضرحة الصلحاء والأولياء بمنطقة فجيج"، بحث لنيل الإجازة، كلية
الآداب والعلوم الإنسانية وجدة، 2007-2008.
السلام عليكم ورحمة الله اليك الاخ الكاتب هدا النص والباحث في نسب الاشراف الوداغيريين ادا كان لكم ترجمة اوكتاب لبعض او مخطوط للشرفاء اللحيانيين حفدة ابي بكر ابن سعيد ابن ابي بكر ابن محمد اللحياني ابن عبدالله ابن منصور ابن عيسى ابن عبدالرحمان الوتدغيري جزاك الله خير
ردحذفأزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذف